الوصف
يمكن القول إنّ كلّ واحد من الأدعية والمناجيات إنّما يكون بيانه بلسانٍ خاصٍ وبنحوٍ يتضمّن نوعًا خاصًّا من المعارف الدينية. فتُعتبر بعض الأدعية مختصّةً بالمعارف التوحيديّة، وبعضها تُعبّر عن حالات العجز والضعف لدى الإنسان في قِبال الحقّ تعالى، وبعضها تُعبّر عن اللجوء إلى الله وطلب التحلّي بالصفات الحميدة والبُعد عن الصفات الرذيلة منه.
وفي هذا السياق، تحظى المناجاة الشعبانيّة بجاذبيّة خاصّة، إذ قلّ ما يُرى مثل عباراتها وخصائصها في غيرها من الأدعية والمناجيات. فهي تبيّن حالات الإنسان في شؤونه المختلفة، كما تُعدّ الأقسام الأولى منها بيانًا لصِغَر النفس الإنسانيّة وانكسارها أمام الحقّ تعالى، وهو ما يناسب جنبة المخلوقيّة لديه؛ وذلك أنّ كمال الإنسان لا يكون إلّا في إظهار عدمه أمام الحقّ تعالى بمختلف الألسنة. كما يُشير القسم الثاني منها إلى الحالات والمقامات الكمالية، التي يمكن للعبد الوصول إليها عبر الارتباط بالحقّ تعالى، علمًا أنّ هذه المرحلة لا تتنافى مع إظهار عجزه وضعفه؛ إذ للإنسان حالات مختلفة. وفي الأصل، يُعدّ إظهار العجز والصغر بين يدَي الحقّ تعالى إحدى الجهات الكمالية لدى الإنسان، ولهذا يُظهر أولياء الله منتهى العجز والنقص والصغر في مثل هذه المناجيات والأدعية.
نعم، تحتوي هذه المناجاة على مضامين رفيعة جدًا، تحكي حالة الوصول إلى أقصى درجات الكمال الإنساني، وقد كان جميع الأئمّة (عليهم السلام) ملتزمين بقراءتها. من هنا، لا تُعتبر قراءتها أمرًا مطلوبًا في شهر شعبان فقط، بل هي كذلك في أي وقت من الأوقات.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.